جريمة التجويع في غزة تمثل اختبارا لضمير العالم وتستدعي تحركا عاجلا
  • 21/07/2025
  •  https://dg.samrl.org/l?a5550 
    منظمة سام |

    جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن السياسة التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والمتمثلة في استخدام التجويع كأداة لإخضاع السكان، تُعد انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جريمة حرب بل وإبادة جماعية، وفقًا لاتفاقية عام 1948 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

    وأشارت المنظمة إلى أن القانون الدولي يحظر بشكل قاطع استخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين، موضحة أن المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، إلى جانب المادة 8(2)(ب)(25) من نظام روما، تؤكد أن تعمد تجويع السكان يُعد جريمة حرب. وذكرت أن الظروف المفروضة التي تُفضي إلى الإهلاك الجزئي أو الكلي للسكان، بما يشمل الحرمان المتعمد من الغذاء والدواء، تشكل ممارسات تقع ضمن تعريف الإبادة الجماعية.

    واعتبرت المنظمة أن التقارير الميدانية الصادرة من داخل غزة ترسم صورة قاتمة لكارثة إنسانية متصاعدة، حيث يواجه غالبية السكان انعدامًا حادًا للأمن الغذائي، في حين يعاني القطاع الصحي من شلل شبه كامل نتيجة غياب الوقود والمستلزمات الطبية الأساسية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في الوفيات التي يمكن تفاديها، لا سيما بين الأطفال والمرضى.

    وشددت منظمة سام على أن الإشراف الفعلي لسلطات الاحتلال على توزيع المساعدات من خلال ما يُعرف بـ"منظمة غزة للإغاثة" ساهم في تفاقم الكارثة الإنسانية، إذ فُرضت قيود تعسفية على دخول الإمدادات الحيوية، واستُخدمت المعونات كوسيلة ضغط وابتزاز سياسي، بينما استهدفت منشآت مدنية وخدمية حيوية. واعتبرت أن هذه الممارسات تؤشر إلى نية واضحة لإضعاف السكان عبر وسائل غير عسكرية تتقاطع مع التعريف القانوني للإبادة غير المباشرة.

    وذكرت المنظمة أن النساء والأطفال يتحملون العبء الأكبر من هذه السياسات، حيث تم توثيق حالات متعددة من سوء التغذية الحاد، وارتفاع معدل وفيات حديثي الولادة، وغياب شبه تام للرعاية الصحية للأمهات، وهو ما يعكس انهياراً شاملاً لشبكة الحماية الإنسانية في غزة.

    وحذرت منظمة سام من أن استمرار سياسة التجويع في ظل إفلات تام من العقاب، يشكل خطرًا وجوديًا على القانون الدولي، ويُنذر بعواقب إنسانية وخيمة، معتبرةً أن صمت المجتمع الدولي أمام هذه الجريمة يمثل اختبارًا حقيقيًا لضمير العالم، يستدعي تحركًا عاجلًا لوضع حد لهذه الكارثة المتفاقمة وإنصاف الضحايا الأبرياء.

    وحمّلت المنظمة المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول العربية المجاورة، والاتحاد الأوروبي، مسؤولية التواطؤ أو التقاعس، لافتةً إلى أن استمرار الدعم غير المشروط، والفيتو السياسي في المحافل الدولية، وغياب أي ضغط فعّال على سلطات الاحتلال، كلها عوامل تساهم في استمرار الجرائم وتوسيع رقعتها.

    وطالبت منظمة سام للحقوق والحريات بفتح تحقيق دولي عاجل من قبل المحكمة الجنائية الدولية بشأن جريمة التجويع، والعمل الجاد على محاسبة كافة المسؤولين والمتورطين في هذه الممارسات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، كما دعت إلى ضرورة رفع الحصار المفروض على قطاع غزة بشكل فوري، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود، تحت إشراف رقابة دولية مستقلة تضمن الشفافية وتمنع استخدام المساعدات كأداة للابتزاز السياسي.

    وشددت المنظمة على أهمية إصدار قائمة سوداء تضم كل من يعرقل وصول المساعدات أو يشارك في سياسة التجويع الممنهجة، من أفراد وكيانات رسمية أو غير رسمية، بهدف فضح هذه الممارسات وإخضاع المسؤولين عنها للمساءلة، مؤكدةً على ضرورة الاستمرار في توثيق الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق السكان، وتفعيل آليات المساءلة القانونية على المستوى الدولي من خلال الأمم المتحدة والمؤسسات القضائية المختصة.


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير