جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن ما يُثار من مؤشرات حول لجوء بعض الجهات الأمنية في محافظة حضرموت إلى استخدام أدوات الفحص والتحليل الرقمي في قضايا تتصل بحرية التعبير والنشر الإلكتروني يثير القلق العميق بشأن اتساع نطاق الممارسات المرتبطة بالمراقبة والتتبع الرقمي دون مبرر قانوني مشروع، مؤكدة أن مثل هذه الإجراءات، إن ثبتت صحتها، تمثل انحرافًا خطيرًا في أداء السلطات المحلية عن التزاماتها القانونية والدستورية، وتتناقض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ومعايير العدالة الإجرائية المعترف بها دوليًا.
اطلعت "سام" على منشور للناشط في الحقوق الرقمية فهمي الباحث، حيث أفاد فيه بتوفر وثائق تشير إلى وجود استخدام محتمل لأدوات فحص وتحليل الهواتف المحمولة التابعة لشركة سيليبرايت Cellebrite الإسرائيلية من قبل جهة أمنية يمنية حكومية في حضرموت – المكلا، في قضية تخص أحد الإعلاميين المتهمين على خلفية منشورات في موقع "فيسبوك".
وأورد الباحث في منشوره أن هذه الأدوات تُعد من التقنيات الحساسة القادرة على الوصول الكامل إلى محتوى الأجهزة الشخصية، بما في ذلك الرسائل والمحادثات والصور والبيانات الخاصة، وأن استخدامها دون إشراف قضائي مستقل يشكل انتهاكًا مباشرًا لحق الأفراد في الخصوصية وحماية بياناتهم الشخصية.
وبيّنت المنظمة أن المعلومات التي أوردها الباحث تُثير قلقًا بالغًا بشأن توسع استخدام أدوات المراقبة الرقمية في اليمن من دون ضوابط قانونية واضحة، ودون وجود ضمانات لحماية خصوصية المواطنين، لا سيما في ظل بيئة يغيب فيها القضاء المستقل والرقابة المؤسسية.
وجددت المنظمة التأكيد على ما أورده الباحث من أن الاعتماد على تقنيات مراقبة متقدمة تخضع لقيود تصدير دولية، كأدوات شركة Cellebrite الإسرائيلية، في بيئة نزاع غير مستقرة كاليمن، يشكل مخالفة واضحة للمعايير الدولية المنظمة لاستخدام التقنيات ذات الاستخدام المزدوج، كما يثير تساؤلات جدية حول طبيعة الجهات التي سمحت بتوريدها واستخدامها، ومدى التزام السلطات المحلية في حضرموت بمبدأ الشرعية القانونية واحترام حقوق الإنسان.
وشددت سام على ضرورة التزام السلطات القضائية والتنفيذية بمبدأ المساءلة والشفافية، داعية النائب العام ومجلس القضاء الأعلى إلى فتح تحقيق عاجل ومستقل للكشف عن مدى صحة هذه الادعاءات، وتحديد الجهة المسؤولة عن إدخال أو استخدام هذه الأدوات في اليمن، وطبيعة الأغراض التي استُخدمت فيها.
وطالبت المنظمة وزارة الداخلية اليمنية بالرد العلني على التساؤلات المثارة بشأن نوع الأجهزة أو البرامج المستخدمة في الفحص الرقمي، ووجود تراخيص رسمية من الشركة المورّدة، وسياسات الاحتفاظ بالبيانات بعد الفحص، وعدد القضايا التي تم فيها استخدام تلك الأدوات خلال السنوات الأخيرة.
ودعت سام إلى تبني تشريعات وطنية واضحة لحماية البيانات الشخصية وتنظيم الوصول إلى المعلومات الرقمية، بما يضمن خضوع أي عملية فحص أو مراقبة لمعايير الشفافية والمساءلة، مشددة على أن استخدام التقنيات الرقمية في المجال الأمني يجب أن يكون استثناءً يحدده القانون، لا ممارسة مفتوحة تُوظف لتقييد الحريات أو ملاحقة الصحفيين والنشطاء.