ندوة تناقش إدماج جميع الفئات في العدالة الانتقالية في اليمن
  • 30/08/2025
  •  https://dg.samrl.org/l?a5581 
    منظمة سام |

    نفذت منظمة سام للحقوق والحريات ورابطة أمهات المختطفين، ندوة نقاشية ضمن مشروع سبارك المدعوم من معهد دي تي، حول مشاركة النساء والشباب والمهمشين وذوي الإعاقة في مسارات العدالة الانتقالية باليمن، وذلك بمشاركة نخبة من الحقوقيين والناشطين والفاعلين المجتمعيين.

    وتضمنت الندوة مداخلة للأستاذة مها عوض رئيسة مؤسسة أجود للسلام والأمن الإنساني، التي أشارت إلى أن النساء هن الأكثر تضرراً من النزاع المسلح، لكنهن في الوقت ذاته الأقدر على قيادة مسارات السلام، وذكرت أن العدالة الانتقالية لن تكون شاملة من دون إدماج قضايا المرأة وما تعرضت له من انتهاكات جسيمة، مؤكدة أن إشراكهن في لجان الحقيقة والمصالحة يعزز الاعتراف بحقوقهن كمواطنات متساويات ويعيد بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.

    وفي المحور الثاني، تحدث الإعلامي أحمد شوقي مدير عام إذاعة تعز وعضو المركز اليمني للعدالة الانتقالية، مشدداً على أن الشباب الذين يشكلون 70% من المجتمع اليمني ما زالوا غائبين عن مواقع صنع القرار. وأكد أن الشباب كانوا ضحايا مباشرين للنزاع عبر التهميش والتجنيد القسري وانهيار التعليم والاقتصاد، معتبراً أن إدماجهم في لجان كشف الحقيقة والمصالحة سيمنح العملية شرعية واستدامة، كما أشار إلى ضرورة تمكين الشباب اقتصادياً وسياسياً، وإتاحة الفرصة لهم لبناء سردية جديدة تقوم على المواطنة المتساوية بعيداً عن صراعات الماضي.

    أما في المحور الثالث، فقد تناول الأستاذ نعمان قائد الحذيفي رئيس اتحاد المهمشين، قضية الفئات المهمشة تاريخياً، مبيناً أن هذه الفئة التي يتجاوز تعدادها خمسة ملايين مواطن ما تزال تعاني من تمييز ممنهج وإقصاء متعدد الأبعاد، واعتبر أن العدالة الانتقالية فرصة تاريخية لإنصاف المهمشين والاعتراف بمعاناتهم في الذاكرة الوطنية، مشددًا على ضرورة تخصيص برامج جبر ضرر تراعي البعد التاريخي للتهميش، وضمان تمثيلهم السياسي والاجتماعي في مؤسسات الدولة، إلى جانب تبني سياسات وطنية لمناهضة العنصرية.

    وفي المحور الرابع، أكدت الناشطة الحقوقية رميصاء يعقوب رئيسة الشبكة الوطنية لمناصرة حقوق ذوي الإعاقة، أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن ارتفعت إلى أكثر من 15% من السكان نتيجة الحرب، ما يجعلهم شريحة مجتمعية واسعة لا يمكن استبعادها من أي مسار للعدالة الانتقالية، وأشارت إلى أن غياب البنية التحتية المهيأة والوصمة الاجتماعية يحرمهم من المشاركة الفعلية، معتبرة أن إشراكهم ليس استحقاقاً أخلاقياً فحسب بل حق إنساني أساسي، كما شددت على أهمية تمثيلهم المباشر في لجان الحقيقة والمصالحة، واعتماد برامج خاصة لجبر الضرر وإعادة التأهيل.

    وخلصت الندوة إلى جملة من التوصيات التي أكدت على ضرورة جعل مسار العدالة الانتقالية أكثر شمولاً واستيعاباً لجميع الفئات المتضررة. فقد شدد المتحدثون على أهمية ضمان مشاركة النساء بفاعلية في لجان الحقيقة والمصالحة، بحيث يتم الاعتراف بانتهاكاتهن وتعويضهن بشكل عادل، الأمر الذي يعزز حضورهن كمواطنات كاملات الحقوق ويسهم في بناء سلام مستدام.

    كما أوصت الندوة بتمكين الشباب سياسياً واقتصادياً، إذ اعتبر المشاركون أن غياب الفرص دفع كثيراً منهم إلى أتون الحرب، وأن تمكينهم يمثل ضمانة لمستقبل أكثر استقراراً، وأكدت التوصيات أن إشراك الشباب في آليات التوثيق وكشف الحقيقة سيمنح العملية مشروعية ويتيح صياغة سردية جديدة تنظر إلى المستقبل بدلاً من الارتهان لصراعات الماضي.

    وأكدت الندوة على أن الاعتراف الرسمي بمعانات المهمشين التاريخية يعد خطوة محورية نحو بناء مساواة حقيقية، داعية ً إلى إدماجهم في مؤسسات الدولة والسياسات الوطنية، وتبني برامج خاصة لجبر الضرر تعالج تراكمات عقود طويلة من التمييز والإقصاء.

    وشدد المشاركون على أن العدالة الانتقالية لن تكون عادلة من دون إدماج ذوي الإعاقة في صنع القرار، سواء عبر تمثيل مباشر في لجان الحقيقة والمصالحة أو من خلال توفير بيئة قانونية وخدماتية تزيل العوائق التي تحول دون مشاركتهم، كما أوصت الندوة بتفعيل القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وإشراك أصحاب المصلحة من ذوي الإعاقة أنفسهم في قيادة هذه العملية، لا أن يقتصر الأمر على تمثيل شكلي عبر منظمات غير متخصصة.

    وفي مجملها، طالبت الندوة بأن يتم التعامل مع النساء والشباب والمهمشين وذوي الإعاقة باعتبارهم شركاء حقيقيين في بناء السلام والعدالة الانتقالية، مؤكدة أن أي مسار يتجاهل هذه الفئات سيظل قاصراً وغير قادر على تحقيق مصالحة وطنية شاملة ومستدامة.

     

  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير