التقرير الحادي عشر في سلسلة الحقوق الرقمية
  • 26/03/2023
  •  https://dg.samrl.org/l?a4757 
    قيود المنصات الاجتماعية على حرية التعبير في الفضاء الرقمي اليمني | تقرير
    الحقوق الرقمية |

    أصدر مشروع الحقوق الرقمية بمنظمة سام، اليوم الأحد، تقريره الحادي عشر عن القيود التي تفرضها منصات التواصل الاجتماعي على حرية التعبير، ضمن المبادرة التي تنفذها المنظمة بالتعاون مع إنترنيوز.

    وقال التقرير المعنون بـ (قيود المنصات الاجتماعية على حرية التعبير في الفضاء الرقمي اليمني) إن شركات التواصل الاجتماعي تفرض قيودًا على النشر والتفاعل، والتي أدت إلى إغلاق الحسابات والحظر في بعض الأحيان، دون ارتكاب أي مخالفة للسياسات التي تضعها المنصات، في كثير من الحالات.

    وينقل التقرير عن مارك زوكربيرغ، مؤسس فيسبوك، قوله إن فريق تطبيق سياسات معايير المجتمع يتألف من حوالي 30,000 موظف، بما في ذلك مراجعي المحتوى الذين يتحدثون تقريبًا كل لغة مستخدمة على نطاق واسع في العالم، ويعملون من مكاتب في عدة مناطق زمنية لضمان الرد السريع على التقارير. ويضيف أن الأخطاء التي يرتكبها الفريق تعود في الغالب إلى أخطاء في تطبيق تفاصيل السياسات، بدلاً من الخلافات حول ما يجب أن تكون عليه تلك السياسات في الواقع، منوها بأنه في بعض الحالات، يتم اتخاذ القرارات الخاطئة في أكثر من حالة واحدة من بين كل 10 حالات يتم مراجعتها من قبل الفريق، وذلك يعتمد على نوع المحتوى.

    أما من الناحية القانونية لإبقاء المحتوى المشروع على الإنترنت، يشير التقرير إلى أن الشركات ليست مطالبة بذلك تحت أي إلزام قانوني. حيث إنها شركات خاصة ولها حرية إنشاء وتطبيق شروط الخدمة والقواعد اﻹرشادية الخاصة بها، بما في ذلك تلك المتعلقة بالتعبير المحمي بقانون حقوق اﻹنسان. كما لا يوجد التزام قانوني على الشركات الخاصة بحماية أو حتى احترام حق أي مواطن في حرية التعبير، وغالبًا ما تكون حقيقة قيامهم بذلك مجرد نتيجة لخطتهم النهائية، أي أنك ستكون أقل احتمالًا لاستخدام نظامهم الأساسي إذا لم يسمحوا للمستخدم بالتحدث عما يدور في ذهنه بصراحة.

    وينقل التقرير عن الأكاديمي وليد السقاف قوله إن الحسابات السياسية قد تلعب دورًا في فرض قيود على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن أن تتأثر هذه المنصات بالضغوط الخارجية والتوجهات السياسية. ويضيف: بالنسبة لاستخدام أطراف الصراع للمنصات ضد خصومهم، فإنهم يستغلون الإبلاغ عن المحتوى بشكل جماعي لإيقاف أو تقييد حسابات معينة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تجاوب من قبل المنصات بناءً على عدد البلاغات، مما يعكس التأثير الجماعي لهذه الأطراف في التلاعب بالمنصات، وهذا بدوره يؤثر سلبا على حرية التعبير للناشطين والصحفيين وغيرهم.

    بينما يعتقد صحفي البيانات فاروق الكمالي أن للأمر علاقة بخوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي التي تضع مصطلحات وعبارات محددة في قائمة المحظورات وبالتالي حين يتم كتابة هذا المصطلح أو تلك العبارة في سياق منشور يتم اعتبارها انتهاكا للقوانين التي تنظم النشر في هذا المجتمع أو ذاك، متابعا: يتعامل فيسبوك حاليا من العديد من منصات تدقيق المعلومات لمكافحة التضليل وخطاب الكراهية والتحريض على العنف، وبالتالي مجرد أن تصنف منصة ما منشور على أنه يندرج في قائمة تضليل أو تزييف أو كراهية فإنه يتم حضر تلك المنشورات ولو بأثر رجعي وهكذا تنموا قائمة المحظورات من الكلمات وتزداد القيود. ويضيف: لا ننكر أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت سلاحا فعالا وقوة هائلة تسعى مختلف القوى والأطراف لأنْ يكون لها قدرة وسيطرة عليها، ولهذا تسخرها لتحقيق أجندتها إلى درجة أنه لم يتبق من مصطلح اجتماعي عدا الاسم فقط.

    وحول إمكانية مساهمة اختلاف السياق الثقافي في إحداث لبس وسوء فهم لدى القائمين على منصات التواصل الاجتماعي، يقول البروفيسور السقاف: إن هذا يحدث كثيرا لا سيما على الانترنت، ويعود ذلك إلى اختلاف التعبيرات والمصطلحات والرموز بين الثقافات المختلفة، ويتابع: قد لا يفهم القائمون على المنصات الاجتماعية دائمًا الدلالات الثقافية للمحتوى المنشور وقد يتم تفسيره بطريقة خاطئة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى حظر أو تقييد المحتوى بشكل غير مبرر بسبب الفجوة الثقافية وقلة الفهم، مستدلًا بما تم مناقشته مؤخرا في ميتا Meta حول استخدام عبارة "شهيد" واعتبارها من قبل المسلمين طبيعية بينما اعترضت عليها بعض الجهات.

    ويرى مدقق الحقائق الكمالي أن السياق الثقافي ربما يكون أكثر تأثيرا في حال الحديث عن العرب والغرب لكن السياق الثقافي العربي في شكله العام في البلدان العربية كاملة هو سياق متقارب ومتداخل ومترابط في حقيقة الأمر، لكن الحالة التي خلقتها وسائل التواصل الاجتماعي في الوطن العربي وداخل كل قطر، هي الصراع بين الأجيال، بين القديم والجديد، بين من يريد أن يتخلص من كل القديم وينسى أن أغلب الموجود في الواقع هو القديم.

    ويشير الدكتور السقاف إلى أن الخوارزميات تطورت بشكل لافت في السنوات الاخيرة ولكنها ما تزال قاصرة ولا تسمح بالاستغناء عن المراجعين البشريين، ويضيف: تظل الخوارزميات تعاني من ضعف في التفسير وفهم السياق والنوايا لا سيما باختلاف الثقافات واللهجات، وقراراتها في بعض الأحيان قد تكون منحازة للثقافة الخاصة بالمبرمجين في الغرب مما يحقق عدم انصاف للمستخدمين من الثقافات الاخرى. لذا يظل الدور البشري ضروريًا للتحقق من صحة النتائج وضمان استجابة أكثر دقة وبإشراف قطاع واسع من الأشخاص ومن خلفيات وثقافات متنوعة.

    من جانبه، يوضح الصحفي الكمالي أن الخوارزميات هي أكواد برمجية صنعها أشخاص لهم قدرة معرفية مهما بلغت تظل محدودة، وبالتالي فإن إنشاء هذه الأكواد تم بناءً على ما يمتلكونه من قدرات معرفية إضافة إلى ما قدمه آخرون من تصورات وأيضا ما تضعه مجموعة من الدول من تشريعات وقوانين تعد فعلا أو قولا أو صورة على أنها انتهاكا، فمثلا الدماء تعد انتهاكا للمشاعر الإنسانية وتؤذي نفسية المجتمعات الغربية، لكن المواطن اليمني لا يجد مشكلة في مشاهدتها ونشرها وتداولها والحديث عنها، ولهذا ينشر صورة تدفع فيسبوك لحجبها أولًا ولحظر الحساب ثانية، حسب كلامه.

    ويؤكد التقرير على أن الاستخدام المتزايد لخوارزميات الذكاء الاصطناعي في انتقائية المعلومات المضللة بشكل تلقائي وأنواع المُحتوى الأخرى قد يؤدي إلى الإفراط في الرقابة على المحتوى المشروع، وبالتالي انتهاك حُريّة المؤلف في التعبير وحقه في الوصول إلى المعلومات. وقد تكون لهذه الخوارزميات أيضاً تحيزات كامنة، كما وقد تكون عرضةً للتلاعب… وعليه، لا تزال الخوارزميات غير دقيقة بما فيه الكفاية لاستخدامها بطريقة مميكنة بالكامل في تنظيم المحتوى.

    ويؤكد وينوه بأن الخوارزميات تنطـوي علـى نقـاط ضعـف إجرائيـة تشــمل غيــاب الرقابــة والشفافية بشأنها، وخضوعها لكلّ من التحيز الضمني والصريح المحتمل في تصميمها وفـي بيانات التدريب المستخدمة لتطويرها، وهو ما يطرح بشكل متزايد مشاكل كبيرة، لا سيما متى كانت الشركات قـد حـدت أيضاً من قدرة المستخدمين على اللجوء إلى عملية طعن يديرها إنسان.

    يوصي البروفيسور السقاف، بضرورة أن تعمل إدارة المنصات الاجتماعية على وضع معايير واضحة وشفافة للسلوك المقبول وبلغة سهلة وغير قابلة لتأويلات مختلفة، والاعتماد على مراجعين بشريين لتقييم السياق والنوايا لا سيما أشخاص ذوي كفاءة واطلاع على الثقافات التي يأتي منها المستخدمون، وأيضا تحسين الخوارزميات لتحديد المحتوى المسيء بشكل أكثر دقة، بالإضافة إلى التعاون مع منظمات المجتمع المدني والنشطاء المحليين المستقلين لفهم السياق الثقافي والاجتماعي. بذلك، تضمن المنصات تحقيق توازن بين حرية التعبير والتصدي للمحتوى المسيء.

    وطالب المنصات بالاستمرار في تحسين الأدوات والموارد للمستخدمين للإبلاغ عن المحتوى المسيء والتعامل معه، بما يمكنها من تعزيز بيئة تفاعلية أكثر كفاءة وأمانًا واحترامًا لجميع المستخدمين، كما يجب على المنصات ضمان وجود إجراءات استئناف سريعة واضحة وعادلة للمستخدمين الذين يعتقدون أن حساباتهم أو محتواهم قد تم التعامل معها بشكل غير صحيح.

    ويشدد التقرير الصادر عن مشروع الحقوق الرقمية على أهمية، وضع الشركات إجراءات تسمح بالطعن في قرارات الحظر وفي قرارات تخفيض مرتبة المحتوى وإزالته، وتعطيل أو تعليق الحسابات، وهذا يستلزم إخطارًا مفصلًا بالإجراء الذي تم تطبيقه، وتوفير إمكانية للطعن في الإجراء مباشرة من خلال خدمة الشركة، وإخطارًا بالقرار الذي تتخذه الشركة بخصوص الطعن المقدم.

    ويلفت التقرير إلى ضرورة التزام قرارات المنصات بنفس معايير القانونية، والضرورة، والمشروعية الملزمة للدول عندما تحد من حرية التعبير. ونتيجة لذلك، ينبغي لقواعد الشركة أن تكون واضحة بالقدر الكافي حتى يمكن للمستخدمين التنبؤ، بقدر مقبول من الثقة، بأي محتوى سيتم حظره (مبدأ القانونية)، كما يجب أن تخدم القيود غرضًا مشروعًا (مبدأ المشروعية)، وأن تُطبق القيود على نطاق ضيق وبدون اللجوء إلى إجراءات تدخلية (مبدأ الضرورة).

    ويورد التقرير أن تحميل منصات وسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية إزالة المحتوى القانوني سيحفزهم على إنشاء نظام مراجعة يأخذ في الاعتبار بشكل مناسب حرية التعبير للمستخدم. ولضمان بقاء الأمر كذلك، يجب تنظيم صناعة التكنولوجيا بشكل صحيح، وبما يضمن استمرارها في النمو والازدهار دون تقييد حقوق المستخدم.

    وخلص التقرير إلى أن القيود التي تفرضها المنصات الاجتماعية على المستخدمين تشكل تحديًا كبيرًا، وتثير العديد من الأسئلة والمخاوف بشأن حرية التعبير، وهو ما يستدعي الأخذ في الاعتبار اختلاف السياق الثقافي وأي عوامل أخرى قد تتسبب في حدوث لبس وإشكال لدى القائمين على المنصات. وينبغي للمنصات الاجتماعية الاضطلاع بمسؤولية في حماية حقوق المستخدمين على الإنترنت، وذلك بتوفير معايير شفافة وواضحة لفرض القيود وضمان احترام حرية التعبير والتنوع الثقافي.

    يشار إلى أن تقرير(قيود المنصات الاجتماعية على حرية التعبير في الفضاء الرقمي اليمني) هو الحادي عضر والأخير ضمن مشروع الحقوق الرقمية، الذي تنفذه منظمة سام بدعم من منظمة إنترنيوز، بهدف مناصرة قضايا الحقوق الرقمية لليمنيين، وصولا إلى فضاء رقمي حر وآمن
     

    لتحميل التقرير اضغط هنا


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير