بمشاركة أكاديميين وصحفيين ومسؤولين حكوميين
  • 01/10/2022
  •  https://dg.samrl.org/l?a4579 
    مشروع الحقوق الرقمية بـ سام يختتم ندوته عن خطاب الكراهية عبر الإنترنت
    الحقوق الرقمية |

    اختتم مشروع الحقوق الرقمية بمنظمة سام، أمس الجمعة، ندوة افتراضية بعنوان ""خطاب الكراهية عبر الإنترنت.. التداعيات وآليات التصدي"، ضمن المشروع الذي تنفذه المنظمة بالشراكة مع "إنترنيوز".
    وتحدث في الندوة التي أدارتها (الإعلامية أمل علي)، رئيس "مؤسسة منصة للدراسات الإعلامية والتنموية" "عادل عبد المغني" ورئيس منظمة سام للحقوق والحريات "توفيق الحميدي"، كما شارك في الندوة أكاديميون وصحفيون، ومسؤولون حكوميون، بالإضافة إلى ناشطون.

    رئيس "منظمة سام" "توفيق الحميدي" استهل الحديث، بالقول إن "هناك معركة موازية تدار على وسائل التواصل الاجتماعي لا تقل ضراوة عن المعركة التي تدار على الأرض، فكل الأطراف حشدت كافة قواها في هذه المعركة المجردة من أي قيم أخلاقية، لدرجة أنها أزالت الحدود الأخلاقية والقيمية وأصبح المجتمع بما يمكن أن نسميه مجتمع سائل بدون أي محددات أو معاير يمكن أن يلتزم بها هؤلاء الأطراف.

    وأضاف "الحميدي" أن خطاب الكراهية كان له انعكاسات كبيرة على المستوى النفسي والجسدي، علاوة على الانقسام الاجتماعي وتأجيج المشاعر البغيضة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تحولت بعض هذه الوسائل إلى محاكم مستعجلة تصدر الأحكام وتفبرك الروايات والأدلة والشهود، مسترسلا: أصبح هناك نوع من التجذر في وجدان اليمني لتقبل مثل هذا الخطاب والانطلاق ضمن هذه الحرب المستعرة بين الأطراف.

    واعتبر رئيس "منظمة سام" أن هناك جهات مستفيدة من تأجيج هذا الخطاب سواء أكانت جهات سياسية أو اجتماعية أو مدنية، والتي تساهم بل أحيانا تصيغ محددات معينة لاستهداف الأطراف الأخرى بمثل هذه الخطابات.

    ولفت إلى أن خطاب الكراهية اليوم خطاب عنيف للغاية، وهو لا يقل خطورة عن الرصاصة، مبينا: "إذا كانت الرصاصة تقتل الجسد فخطاب الكراهية يقتل السمعة ويقتل المجال العام الذي يتحرك فيه الناس ويحول المجتمع إلى مجتمع مكهرب لا يستطيع الفرد فيه أن يعيش ويمارس حريته كما ينبغي، وتابع: إذا توقفت الحرب وتوفرت البيئة المناسبة والمناخ المناسب لإقامة الدراسات والاستطلاعات والمسوحات الحقيقية سنكتشف أن خطاب الكراهية ساهم في ارتكاب جرائم لا يمكن السكوت عليها.

    وأضاف "الحميدي" أن المسؤولية عن خطاب الكراهية هي مسؤولية أخلاقية بالدرجة الأساسية والأمر يعود إلى ضمير الشخص وإلى القيم الأخلاقية التي يتسلح بها خاصة في ظل غياب التشريعات والمؤسسات وغياب الدولة، متحدثا عن ضرورة إجراء عملية تشبيك منظمة من قبل الخبراء والمختصين لعقد نقاشات ولقاءات مكثفة بهدف تقديم صورة واضحة عن الوضع ونقله إلى المنظمات الدولية المعنية بهذا الشأن، وكذا القائمين على المنصات الاجتماعية.

    من جانبه أعرب رئيس "مؤسسة منصة للإعلام والدراسات التنموية" "عادل عبد المغني" عن شكره لـ القائمين على مشروع الحقوق الرقمية بمنظمة سام على الترتيب لهذه الندوة وعلى التقرير الذي وصفه بالقيم.
    وأشار الصحفي "عبد المغني" إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في نشر خطاب الكراهية أكثر مما كان عليه الأمر فيما يتعلق بوسائل الإعلام التقليدية، ففي المنصات الاجتماعية، لم يعد هناك "حارس بوابة"  كما هو في الإعلام التقليدي الذي كان يغربل النصوص والمواد قبل نشرها، بينما منحت المنصات الاجتماعية الجميع الفرصة لنشر ما يريدون، معقبا: تحول القائم بالاتصال في وسائل التواصل إلى متلقي أيضا، وبالتالي لم تعد هناك حواجز، وبات خطاب الكراهية ينتشر بشكل كبير، مما أدى إلى تداعيات كبيرة، حيث أسهم خطاب الكراهية بشكل كبير في إطالة أمد الصراع واتساع نطاقه.

     واسترسل بالقول: إن التصدي لخطاب الكراهية لا يمكن أن يكون من طرف واحد أو جهة معينة، وإنما عبر حلقة كاملة متسلسلة تبدأ من الدول والحكومات وتنتهي بالأسرة والمجتمع وبينهما المؤسسات والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع ومن ثم المواجهة المجتمعية وأيضا وسائل الإعلام، موضحا أن خطاب الكراهية يحتاج بداية إلى تعاون وإدراك من الحكومات والدول ومن ثم سن قوانين وتشريعات تجرم هذا الخطاب وبما يتعارض مع قمع الحريات وأن تكون هذه القوانين والتشريعات دقيقة ومحددة ولا يتم استغلالها لقمع حريات التعبير وحرية الرأي.

    وأردف الصحفي "عبد المغني":  نعول -في التصدي لخطاب الكراهية- على منظمات المجتمع المدني وعلى المواجهة المجتمعية ككل وعلى المؤسسات الإعلامية التي عليها أن تصدر مواثيق شرف ومدونات سلوك، وأن تلتزم بها وتُشعر الآخرين بضرورة الالتزام الأخلاقي والمهني تجاه خطاب الكراهية، مستطردا: على منظمات المجتمع المدني أن تكثف جهودها وأن تقيم الدورات التدريبية والتأهيلية ليس فقط للصحفيين والإعلاميين وإنما للناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى للشعبويين الذين يمتلكون منصات اجتماعية ولديهم أعداد كبيرة من المتابعين.

    واعتبر الصحفي "عبد المغني" أن المشكلة ربما لا تتوقف عند الصحفيين وحدهم، فحتى السياسيين أيضا هم بحاجة إلى استهداف من قبل منظمات المجتمع المدني واللقاء معهم وإقامة دورات تدريبية وعقد لقاءات تشاورية معهم بهدف التخفيف من خطاب الكراهية.

    وتابع رئيس "مؤسسة منصة للدراسات": الدور المجتمعي مهم للغاية، بما في ذلك دور الأسرة والتنشئة والمدرسة، بالإضافة إلى مراعاة صحافة السلام والصحافة الإنسانية الحساسة للنزاعات، متابعا: يجب أن يعرف الإعلاميون والناشطون كيفية استخدام مصطلحات تؤدي نفس الغرض لكنها تخلو من التحريض".

    وفي مداخلة له، قال الناشط في الحقوق الرقمية "فهمي الباحث" إن من ينشر خطاب الكراهية ليسوا أفرادا عاديين، فالصحفيون والحسابات/الصفحات المحسوبة على الأطراف السياسية هي من أكثر من يثير خطاب الكراهية المصحوب بأخبار كاذبة، معتبرا أن هؤلاء ليسوا بحاجة إلى التدريب من أجل التمييز بين خطاب الكراهية وما سواه، بقدر حاجتهم بحاجة اتخاذ قرار داخلي شجاع للتخلي عن خطاب الكراهية، ولكن هذا ينبغي أن يتم بالتوافق بين الأطراف كلها، يقول الباحث.

    وأضاف: من خلال خبرتي وتواصلي المباشر مع "فيسبوك"، أجرينا ورش عمل ونقاشات حول خطاب الكراهية ونحاول كيمنيين أن ننقل الوضع الحالي بشكل محايد، لفيسبوك، مع التركيز على الكلمات الواردة باللهجة العامية المحلية، ونشرح لهم كيف يتم استخدامها ومعانيها، وهذا كل ما نستطيع أن نقوم به حاليا.

    صحفي البيانات ومدقق المعلومات "فاروق مقبل الكمالي": علق بالقول: إن ما يقوم به مشروع الحقوق الرقمية في ما يتعلق بتحديد خطاب الكراهية ومحاربته، عمل جبار، وهو استشعار مبكر من القائمين على المشروع لكارثية ما نواجهه حاليا، وما يجري في الأوساط الشعبية من تداولات.

    وأضاف "الكمالي": هناك استهداف معين لضخ خطاب الكراهية، يبدأ من الجانب الديني ثم نجده يمتد إلى الجانب المناطقي، ثم إلى السياسي، مستطردا: "الموضوع لم يعد في اتجاه واحد وفي مكان معين بحيث يمكن أن نحاصره ببساطة، إذ صار أكثر تشعبا وأكثر خطورة، ولا بد أن يكون هناك عمل مؤسسي مجتمعي  يوصل الأصوات إلى المؤسسات الدولية للعمل مع منظمات المجتمع المدني من أجل غربلة مثل هذه الخطابات ووضع علامات على الأشخاص الذين يقومون بنشر خطاب الكراهية والتحريض والتضليل.

    بدورها، اعتبرت وكيل وزارة الشباب "نادية عبد الله" أن ظهور المشاريع الضيقة، سواء أكانت طائفية أو مناطقية، أو عائلية أو جهوية، ساهمت بشكل كبير في انتشار خطاب الكراهية. وتضيف: أن غياب الدولة والمشروع الوطني الجامع أحد الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الخطابات، مبديةً أسفها من كون المرأة اليمنية هي أكثر عرضة لهذا الخطاب.

    الأكاديمي والباحث "عادل دشيلة" أشاد بالندوة والتقرير الصادر عن مشروع الحقوق الرقمية بـ "سام، بالقول: أنا شاكر للغاية من قام بهذا التقرير وسعيد جدا أن أجد مثل هذه الدراسة، والتي لأول مرة أرى من يتطرق إليها"، معتبرا أن "مثل هذه المواضيع أمر في غاية الأهمية، خصوصا في البلدان التي تمر بصراعات مناطقية وعسكرية وسياسية كاليمن، التي تشهد صراعات من منطلقي هوياتي ومناطقي وأيديولوجي"، حسب قوله.
    وتابع الأكاديمي "دشيلة": في خضم هذه الصراعات برزت شبكات التواصل كأداة من من ضمن الوسائل الأكثر تأثيرا في توجيه الرأي العام وفقا لسرديات معينة لكل طرف، وفي ظل قدرة هذه الوسائل على تشكيل رأي عام، فقد تحولت من وسائل تواصل اجتماعي إلى أدوات هدم، وهذا بكل تأكيد أثر بشكل سلبي على النسيج المجتمعي وعلى السلم الأهلي وعمق الأزمة.

    وأضاف: أن مثل هذه القضايا لا يمكن معالجتها من خلال بناء تصورات نظرية، ولا يمكن أيضا منع مثل هذه الأدوات من الانتشار وأعتقد أننا بحاجة إلى مناقشة مثل هذه المواضيع ورصد انعكاساتها على السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي.

    وكيل وزارة الإعلام محمد قيزان: أعرب عن شكره أيضا للقائمين على المشروع، وأشاد بالتقرير، الذي وصفه بالمهم. وأضاف: نحن في وزارة الإعلام لا نستطيع أن نتحكم في هذا الخطاب، ذلك أن الإعلام الرسمي لديه ضوابط وسياسات محددة، ونحن للأسف الشديد نشهد إعلاما غير مضبوطا خاصة في ظل الحرب، فليس هناك تشريعات، ومن الصعوبة أن تحاسب الجميع على إثارة خطاب الكراهية.

    ولفت وكيل وزارة الإعلام، إلى أن غياب مبدأ الرقابة والمحاسبة هو ما أدى إلى انتشار مثل هذا الخطاب، مردفا: نحن كنا قد شرعنا -قبل الحرب- في مناقشة قانون الإعلام الإلكتروني، لكن في ظل الحرب وتوقف المحاكم وجدنا صعوبات كثيرة، وهذا أدى إلى أن يكون هناك مجال خاص لانتشار مثل هذا الخطاب الذي يكرس الانقسام.

    ويطالب "قيزان" بضرورة أن تكون هناك ضوابط وتشريعات وأن تكون هناك رقابة ومتابعة لمن يثير خطاب الكراهية، محملا الأحزاب والنخب والوجاهات المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية تجاه هذا الخطاب، والحل برأيه يتمثل في التوعية وإيجاد ميثاق شرف لوسائل الإعلام الرسمية والأهلية والحزبية، بما يسهم في ضبط المسار.

    الباحث "عاتق جار الله" استهل حديثه بشكر القائمين على مشروع الحقوق الرقمية بمنظمة سام لتركيزهم على مثل هذه المواضيع، معربا عن أمله في الانتقال من حالة الحديث بشكل عام إلى حديث بلغة الأرقام.

    واعتبر "جار الله" أن الكراهية في الخطاب اليمني هي إحدى إفرازات الحرب ونتيجة من نتائج غياب القانون وغياب الدولة، والتعددية السياسية، وتجاوز حرية التعبيرعن الرأي، مضيفا أن هذا الانحدار الحاصل في المؤسسات في اليمن وكثرة المشاريع وتضاربها فيما بينها البين سيولد هذا بلا شك.

    واسترسل الباحث جار الله: أعتقد أن ما هو موجود من "خطاب كراهية" يعتبر قليل مقارنة بحجم المأساة الموجودة في البلد، إلا أن ضمير الإنسان اليمني لا زال يقاوم،  ولا زال الجمهور يترفع عن التعاطي مع هذا الخطاب. 

    ويضيف "جار الله": من أسباب انتشار خطاب الكراهية، غياب المشروع لدى المكونات، بشتى وسائلهم، وغياب المهنية لدى بعض الممارسين لمهنة الإعلام -وأقول ممارسين- لأن مهنة الإعلام اليوم انتهكت فلم يعد هناك معايير حقيقية لمن يريد أن يكون إعلامي أو مؤثر في المشهد العام، ولعل أكثر البارزين اليوم آتين من خارج هذا التخصص، وبالتالي لم يمروا على مواثيق هذه المهنة. مختتما بالقول: "كلما كان الخطاب/ مليئ بالتحريض والكراهية كلما كان أبعد عن المهنية".

    الكاتب الصحفي "محمد بالفخر" أشار إلى وجود الكثير من الأفراد والجهات الإعلامية التي تمارس التحريض وتثير خطاب الكراهية، متابعا: ثم بعد ذلك نجدهم يتبوؤن المناصب، دون أن يحاسبوا، على ما يثيرونه من خطابات تحريض، وعنصرية تؤدي إلى القتل،  ولو تمت محاكمة شخص من هؤلاء سنجد أن صوت الكراهية سيخفت، لكنهم وجدوا من يدعمهم ومن يمكنهم، وفقا لكلامه.

    يُذكر أن ندوة "خطاب الكراهية عبر الإنترنت.. التداعيات وآليات التصدي" هي الندوة الخامسة ضمن مشروع الحقوق الرقمية، الذي تنفذه "منظمة سام" بدعم من "منظمة إنترنيوز"، بهدف مناصرة قضايا الحقوق الرقمية لليمنيين، وصولا إلى فضاء رقمي حر وآمن.


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير