جنيف - قالت منظمة سام للحقوق والحريات إن استشهاد الصحفيين أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، يشكّل دليلاً جديداً على استهداف الاحتلال الممنهج للإعلام الفلسطيني ومحاولة طمس الحقيقة، لافتةً إلى أن هذه الجريمة تأتي في سياق حرب مفتوحة على الصحافة، حيث بات الصحفيون في غزة أهدافاً مباشرة لمخطط إسكات الصوت الفلسطيني، وتجريد العالم من الشهادة الحية على الجرائم المرتكبة.
وأوردت المنظمة أن جيش الاحتلال اعترف باستهداف أنس الشريف، مدعياً انتماءه إلى حركة حماس، وهو تبرير لا يسقط عن الجريمة صفتها غير المشروعة ولا يبرر استهدافه كمراسل صحفي يعمل في تغطية أحداث الحرب.
وأبرزت سام ما صرح به نقيب الصحفيين الفلسطينيين من أن "أنس الشريف تقدم قبل يومين بإفادة حول تهديده من الاحتلال والإفادة مكتوبة لدى النقابة"، وهو ما يؤكد أن اغتياله كان عن سبق إصرار وترصد.
وذكرت أن قصف الصحفيين أثناء أداء عملهم الميداني يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لمبدأ حماية الصحفيين في مناطق النزاع المسلحة.
واعتبرت “سام” أن هذا النهج الممنهج في اغتيال الإعلاميين، بما فيهم المصورون والمراسلون، يشكّل جريمة حرب ويعكس إرادة متعمدة لطمس الحقائق ومنع نقل صورة المعاناة الإنسانية في غزة.
وأكدت أن استهداف الصحفيين، حتى مع وجود ادعاءات سياسية أو أمنية بحقهم، لا يعفي قوات الاحتلال من التزاماتها القانونية والأخلاقية، وأن القانون الدولي لا يسمح باستخدام هذه المزاعم كذريعة لتبرير القتل خارج نطاق القضاء.
ونقلت سام عن المرصد الأورومتوسطي أن الجريمة جاءت بعد ساعات من مؤتمر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حرض فيه على وسائل الإعلام، وتحدث عن نيته المضي في جريمة السيطرة على غزة، ما يعني بوضوح قرار الاحتلال إنهاء الأصوات التي تكشف الحقيقة للعالم.
ونوّهت المنظمة إلى أن هذه الجريمة تأتي في سياق حرب متصاعدة على الصحافة الفلسطينية، حيث لم يعد استهداف الإعلاميين في غزة حوادث معزولة، بل بات نهجاً ممنهجاً يهدف إلى تغييب الحقيقة ومنع نقل صورة المعاناة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة..
وأشارت إلى أن مواصلة استهداف الصحفيين في أماكن عملهم أو حتى في الملاجئ، يضاعف من المخاطر على حرية الإعلام، ويجعل بيئة العمل الصحفي في القطاع بيئة قاتلة بكل المقاييس، الأمر الذي رفع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 236 منذ السابع من أكتوبر 2023، في مؤشر خطير على حجم الإصرار على إسكات الأصوات وكتم الحقيقة.
وأوردت “سام” نقلاً عن عضو فريق محامي ضحايا الاحتلال الإسرائيلي أمام الجنائية الدولية، د. عبد المجيد مراري، قوله إن “اعتراف الاحتلال الإسرائيلي باغتيال مراسلي قناة الجزيرة، أنس الشريف ومحمد قريقع، والمصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل، وهم في خيمة للصحافيين أمام مجمّع الشفاء الطبيّ في مدينة غزة، ليس مجرد اعتراف بحادث عرضي، بل هو إقرار صريح بارتكاب جريمة حرب ممنهجة تُرتكب بدم بارد ضد أصوات الحقيقة، وإن هذا الاستهداف يوجب المساءلة والعقاب الدوليين”.
وذكرت المنظمة أن إعلان الاحتلال مسؤوليته عن اغتيال الصحفي أنس الشريف، يعكس المستوى الخطير الذي وصل إليه استهتارها بالقوانين الدولية، وتعبير صارخ عن نتائج الإفلات من العقاب الناجمة عن سياسة الدعم والصمت التي يمارسها المجتمع الدولي الذي يسكت ويمرر مثل هذه الجريمة، طبقًا للمرصد الأورومتوسطي.
وطالبت منظمة سام المجتمع الدولي والمنظمات الأممية المعنية بحرية الصحافة بالتحرك العاجل لإدانة هذه الجرائم ووقف استهداف الصحفيين الفلسطينيين، كما دعت إلى ملاحقة المسؤولين عن هذه الانتهاكات أمام المحكمة الجنائية الدولية، وفرض عقوبات دولية على القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية المتورطة، وضمان توفير الحماية الفعلية للصحفيين العاملين في مناطق النزاع.