• 07/08/2023
  •  https://dg.samrl.org/l?a4910 
    معاناة وخسائر يتعرض لها اليمنيون جراء حجب المواقع وتطبيقات الاتصال على الإنترنت (تقرير)
    الحقوق الرقمية |

    يعاني اليمنيون من صعوبة الوصول إلى المعلومات وإنجاز البحوث والتواصل المباشر، نتيجة الإجراءات التي اتخذتها سلطة صنعاء (جماعة الحوثي) بحجب مصادر المعلومات وحظر المواقع الإخبارية، وإغلاق الاتصال المباشر (فيديو) لأغلب برامج الاتصال عبر الإنترنت. 

    سامية الأغبري أكاديمية وباحثة في جامعة صنعاء تعمل على إعداد بحث حول استخدام المرأة اليمنية لمواقع التواصل الاجتماعي، ونتيجة للحظر لجأت للطرق التقليدية التي تعتمد على التجوال الميداني وإجراء المقابلات المباشرة مع عينات البحث المستهدفة، بدلاً من جمع المعلومات اللازمة من خلال الطرق الحديثة عبر الإنترنت، وإجراء المقابلات عبر الاتصال المباشر بالبرامج الإلكترونية. 

    وأوضحت الأغبري لمواطن أنها تلجأ لصديقاتها خارج اليمن للوصول إلى مواقع ومصادر المعلومات، وإرسالها لها للتحايل على حجب المواقع في اليمن

    شملت  الإجراءات التي اتخذتها سلطة صنعاء(جماعة الحوثيين)  حجب عدد من المواقع الإخبارية، وحظر خدمات الاتصال عبر الإنترنت، والتي تقدمها تطبيقات مثل الواتس أب، تيليجرام، وإيمو، للمستخدمين. وتحتل اليمن المركز الثالث عالميًا بين أكثر دول العالم حجبًا للمواقع وفق موقع top10vpn بعد كل من الصين وإيران.

    ويبلغ عدد مستخدم للإنترنت في اليمن في بداية عام 2023،  9.10 مليون مستخدم، بمعدل انتشار 26.7٪، كما يوجد 3.05 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في يناير 2023، أي ما يعادل 9% من إجمالي السكان، و19.63 مليون مستخدم للهواتف النقالة في أوائل عام 2023، ما يعادل 57.6 في المائة من إجمالي السكان.

    وتشير تقديرات  موقع DataReportal، إلى زيادة مستخدمي الإنترنت في اليمن ما بين 2022 و2023 بنسبة 2.2%، أي ما يعادل 200 ألف مستخدم، إلا أن هناك 24.97 مليون شخص في اليمن لم يستخدموا الإنترنت منذ بداية عام 2023، مما يشير إلى أن 73.3% من السكان غير متصلين بالإنترنت منذ بداية العام.

    ويعاني اليمنيون من مشاكل بطء وانقطاع متكرر في خدمات الإنترنت، بالإضافة إلى الحجب المفروض على المواقع ووسائل الاتصال الإلكتروني.

    محمد الحميدي مسؤول التواصل بإذاعة الاتحادية في محافظة مأرب، أوضح لـ مواطن أن برامج الإذاعة تبث مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتيجة لضعف الإنترنت يتعذر بث البرامج مباشرة للجمهور، فيتم إنزال الحلقة بعد بثها، ما يسبب حرمان المتابعين من إبداء آرائهم ومشاركتهم وصعوبة تصفحهم لصفحة الإذاعة وتنزيل الحلقات.

     وأشار الحميدي إلى أن تتكرر انقطاعات الإنترنت لساعات طويلة دون سابق إنذار، يتسبب في إعاقة الدراسة والعمل عن بُعد بشكل كبير، وتؤدي إلى منع الوصول للعديد من المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي، كما يحرم المواطنين من حقهم في الحصول على المعلومات والتواصل بشكل جيد ومناسب،  ووفق تقرير منظمة “سام” للحقوق والحريات في  اليمن لعام 2022، فإن الحكومة تحجب أكثر من 400 موقع وتطبيق على  الإنترنت.

    أدوات تفادي الحجب، ومخاطرها

    يحاول” محمد المطوع” اليمني البالغ من العمر 25 عامًا، والمقيم حاليًا في العاصمة صنعاء، التواصل مع أهله المقيمين خارج اليمن، لكنه يواجه صعوبة كبيرة بسبب القيود المفروضة على تطبيقات المكالمات، ويحكي لمواطن: “حاولت استخدام العديد من الطرق لإيجاد تطبيق يتيح لي التواصل المرئي مع أهلي، وقمت بتثبيت أكثر من 10 تطبيقات VPN على هاتفي ، لكنها؛ أما لا تعمل أو تكون بطيئة جدًا وغير مستقرة، ويضيف: “لجأت في النهاية إلى الاتصال بأهلي عبر مكالمات هاتفية عادية، على الرغم من ارتفاع تكلفتها، لأنها الخيار الوحيد أمامي لسماع أصواتهم والاطمئنان عليهم”. 

    ويتفاوت سعر الدقيقة الواحدة للمكالمة الدولية حسب الشركة المزودة للخدمة والدولة التي يجري الاتصال إليها، وتتراوح أسعار المكالمات الدولية في بعض الأحيان بين 20-50 سنتًا للدولار الأمريكي، وإذا كان سعر الدولار الواحد يساوي 526 ريال يمني؛ فإن مكالمة تستغرق 10 دقائق تكلف ما يقرب من 2 إلى 6 دولارات تقريبًا ، وهو مبلغ كبير بالنسبة للكثير من اليمنيين الذين يواجهون صعوبة في تأمين احتياجاتهم الأساسية.

    ويشير رئيس جمعية مجتمع الإنترنت في اليمن، فهمي الباحث، إلى أن استخدام برامج تفادي الحظر هي الخيار المتاح أمام اليمنيين في ظل استمرار الحجب على الإنترنت، وفي المقابل فإن الكثير من مستخدمي برامج كسر الحظر، يواجهون صعوبات ومخاطر تقنية وأمنية واقتصادية.

    ويستطرد: “فعلى المستوى التقني تؤدي هذه البرامج غالبًا إلى بطء شديد في سرعة الإنترنت وانقطاع مستمر في الاتصال، كما أن تثبيتها واستخدامها يتطلب فهمًا تقنيًا لا يتوفر لدى غالبية مستخدمي الإنترنت، ومن الناحية الأمنية؛ فهناك مخاطر تتعلق بسرقة البيانات الشخصية والاختراق ، لا سيما مع البرامج المجانية غير الآمنة، إضافة إلى ذلك؛ ترتفع تكاليف الاشتراكات الشهرية والسنوية في حال البرامج المدفوعة، ما يشكل عبئًا ماديًا إضافيًا على المستخدمين”. 

    كما أشارت منظمة “سام” في إحدى فقرات مشروع الأمن الرقمي في اليمن، والتي تناولت المخاطر الأمنية التي  يواجهها اليمنيون، من خلال (البرامج الضارة التي تم العثور عليها مباشرة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمستخدمين أو الوسائط القابلة للإزالة المتصلة بها) بمعدل 45.12% من المستخدمين، بحسب تقرير الربع الثالث للعام 2022م الصادر عن كاسبر سكاي. 

    من جانب آخر يتفق رائد الثابتي، المختص في أمن الرقمي مع رئيس جمعية مجتمع الإنترنت في اليمن، فهمي الباحث، أن  برامج Vpn  التي يستخدمها اليمنيون بشكل كبير برامج مجانية وغير آمنة، تعرّض خصوصيات المستخدمين  للاختراق وسرقة البيانات والمعلومات بشكل كبير. ويضيف “تكون أغلب تلك البرامج مجرد برامج وهمية فقط تستخدم لترويج والإعلانات “.

    أما عمر محمد، خبير السلامة الرقمية، شبه أجهزة المستخدمين لبرامج كسر  الحظر المجاني، بالمنزل الذي ليس له أبواب، بعكس الذين يستخدمون الإنترنت بدون تلك البرامج.

    الصحفيون أكثر المتضررين

    لا تقتصر معاناة اليمنيين جراء استخدام برامج كسر الحظر على حدود الجغرافيا فقط، أو على قطاع معين؛ إنما تشمل اليمنيين ككل دون استثناء، وبحسب مدير مشروع الحقوق الرقمية في منظمة “سام” للحقوق والحريات عمر الكندي؛ فإن العاملين في الحقل الصحفي في صدارة قائمة  المتأثرين جراء استخدام برامج الحظر بسبب اعتمادهم على الإنترنت بشكل كبير.

    ويعلق حسن الفقية صحفي يمني ورئيس تحرير موقع العاصمة أونلاين لـ مواطن، عن تجربة عمله في ظل استمرار الحجب على المواقع الإلكترونية: “العمل الصحفي الإلكتروني مجهد وشاق، نظرًا للقيود المفروضة وحظر غالبية المواقع الإخبارية، بالإضافة لرداءة خدمة النت في البلاد، هذا من جانب؛ ومن جانب آخر فلجوء الصحفي والمحرر الإخباري إلى البرامج الكاسرة للحجب يعني مزيدًا من الضعف وأشكالاً من المعاناة. 

    ويشير إلى أنّ الحصول على كاسر مناسب للتخلص من الحجب قصة تأخذ وقتًا وعناءً؛ حيث أصبحت غالبية برامج كسر الحجب بمقابل شهري أو سنوي، ومعه تزداد معاناة الصحفي، كما يجهد في ملاحقة ومتابعة الأخبار، ويعتبر ذلك الإجراء تعسفًا وانتهاكًا لا يقل عن الانتهاكات الأخرى، التي تطال الصحفيين منذ بدء الحرب.

    إجراءات مخالفة للقانون

    يعتبر الاتصال والإنترنت من الحقوق الأساسية للإنسان؛ وفقًا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها اليمن؛ حيث تنص المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في حرية التعبير، وتشمل هذه الحرية، حرية البحث والحصول على المعلومات والأفكار والآراء، واستقبال ونشر المعلومات والأخبار بأي وسيلة.

    “والإجراءات التي اتخذتها سلطة صنعاء، فيما يتعلق بالإنترنت غير قانونية، وتخالف اللوائح والنصوص القانونية” حسبما أكد لـ مواطن رئيس الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، محمد العمادة، ويستند في ذلك  على المادة رقم 42 من الدستور اليمني، والتي تنص على: “إن لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والتعبير عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون”.

    كما تنص المادة رقم (53) من الدستور اليمني على: “حرية وسرية التواصلات البريدية والهاتفية والبرقية، وكافة وسائل الاتصال، ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها، إلا في الحالات التي يبيّنها القانون وبأمر قضائي”.   

    يقول رئيس مشروع الحقوق الرقمية في منظمة” سام” للحقوق والحريات عمر الكندي لـ مواطن: نحن في “سام” -وعبر مشروع الحقوق الرقمية- سلطنا الضوء على إشكالية حجب الإنترنت بشكل عام، وتداعياتها ولجوء اليمنيين لبرامج كسر الحظر، من خلال إعداد تقارير وإجراء ندوات عن الإشكالات والانتهاكات التي يتعرض لها هذا القطاع الحيوي، بما في ذلك حجب الخدمة وتقييد نطاقها. كما أننا نقوم بتوثيق ورصد عشرات الحالات والشكاوى بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها المستخدمون، وقطاع الإنترنت بشكل عام. 

    لم تكتف سلطة صنعاء (جماعة الحوثي ) بفرض قيود شديدة وحجب مواقع وحظر المكالمات؛ بل ذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال حظر برامج تفادي الحظر التي يستخدمها اليمنيون للتحايل والوصول إلى مصادر المعلومات في المواقع المحجوبة، بحسب تقرير  (The Monitor)، وتم  فرض الحجب على المواقع في اليمن بنسبة  62%.

    في المقابل ينتظر الكثير من اليمنيين الذين يعانون من الحجب توفير الحلول المناسبة، التي ستساعد في الحصول على المعلومات بشكل  طبيعي، وتحقق لهم التواصل بشكل جيد، كما يكفله الدستور دون معاناة أو تواجههم أي صعوبات. 

    المصدر: مراد الموسمي لـ شبكة مواطن الإعلامية

     

     


  •  
    جميع الحقوق محفوظة لمنظمة سام © 2023، تصميم وتطوير