اختتم مشروع الحقوق الرقمية في منظمة سام، أمس السبت، ندوة افتراضية عن ظاهر الابتزاز الإلكتروني في اليمن، ضمن المشروع الذي تنفذه المنظمة بالتعاون مع إنترنيوز.
وتحدث في الندوة (التي أدارتها الناشطة الحقوقية مروة فؤاد) كلٌ من الناشط في أمن وحماية المعلومات، مختار عبد المعز، والمختص التقني في منظمة يوديت، نور خالد.
الناشط عبد المعز، أورد جملة من الأسباب التي ساهمت في تفشي ظاهرة الابتزاز الإلكتروني، منها نقص الوعي الرقمي لدى غالبية مستخدمي الإنترنت في اليمن، إضافة إلى غياب الترابط الأسري والاجتماعي، ووجود فجوة ما بين الأسرة والأطفال، وهو ما يتيح الفرصة للمبتزين للدخول من هذا الباب، كما أن الرهبة والخوف من ولي الأمر وردة فعلهم يجعل من أبنائهم ضحايا للابتزاز.
ولفت إلى أن الوضع الاقتصادي المتردي بفعل الحرب تسبب بازدياد نشاط الاببتزاز الإلكتروني، ودفع بأشخاص إلى امتهان الابتزاز من أجل الحصول على المال. كما أن الابتزاز ينشأ لأسباب سياسية من أجل تغيير فكر أو قرار وزير أو مسؤول معين.
وعن أساليب وطرق وقوع الضحية في مصيدة الابتزاز الإلكتروني، أشار الناشط في أمن المعلومات، عبد المعز، إلى تعرض ضحايا للاستدراج من خلال الدخول إلى موقع احتيالي، وكذا الاستدراج عن طريق عقود عمل وهمية، بالإضافة إلى أساليب استقطاب الفتيات لغرض الزواج، من قبل أشخاص يتواجد معظهم خارج اليمن، والذين يبدؤون بإغراء الضحية ومن ثم ابتزازها، منوها بأن ثمة من يقع ضحية للابتزاز بعد التقاط صور له دون انتباهه، أثناء تواجده في جلسة عائلية أو مناسبة ما.
وأورد عبد المعز أن فتيات يتعرضن لابتزاز، بعد أن يتم (سرقة هاتف أو إيميل، أو ذاكرة تخزين، خاص بهن، بالإضافة إلى نسخ بيانات ومحتوى هاتف الضحية من قبل أصدقائهن، بعد معرفتهن برمز/ نمط القفل) وأكثر الحالات ضحايا لهذا الأسلوب، بعد أسلوب الإيهام بالزواج، حسب كلامه. وهنا ينصح بتشفير الذواكر الخارجية، واستخدام هواتف آيفون باعتباره الأكثر أمانا، وعدم استخدام ذاكرة خارجية للهاتف. وأضاف أن انتحال شخصيات مشهورة اتاحت الفرصة للمبتزين، لاستدراج ضحايا وبالتالي ابتزازهم.
وذكر الناشط في حماية وأمن المعلومات أنهم وثقوا حالات انتحار ومحاولات انتحار، ولفت إلى أن ما بين 25 إلى 30 حالة، يوميا، تصل إلى فريقهم، مضيفا: على مدى 3 سنوات تلقينا أكثر من 15 ألف حالة، وأغلب الحالات تم مساعدتها من خلال إزالة المحتوى المسيء، وتعقب الجناة والتعرف عليهم، والرفع بتقارير إلى الجهات الأمنية والقضائية، وحالات كثيرة سيطرنا عليها قبل وصولها إلى الإنترنت.
وتابع بالقول: إن مشكلتنا مشكلة وعي، فمع غياب الوعي الرقمي يمكن تجييش وتحشيد أشخاص كثيرين، للإساءة للنساء، وفي نفس الوقت الإساءة لأشخاص آخرين، ممن ينشطون في مكافحة الابتزاز الإلكتروني، مردفا: تعرضنا للعديد من الإساءات والشتائم وحتى التهديد بالقتل والتصفية، وشُنت حملات مضادة، في محاولة لتشتيتنا عن هدفنا الأساسي، لكننا لا نتعاطى معها في الغالب.
من جانبها ذكرت الإخصائية التقنية نور خالد، بعض القواعد التي ينبغي على الضحية اتباعها مع المبتز، وأول قاعدة: الهاك يساوي صفر، أي قطع التواصل مع المبتز بشكل كامل، بحيث يكون التواصل صفرا، والخطوة الثانية: الاختفاء لفترة عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت: كي لا نتعرض للابتزاز لا بد أن نقيم المخاطر، أولا: لابد أن تكون كلمات المرور قوية وألا نستخدم فيها أي معلومات شخصية، وأن تتضمن كلمات المرور مزيجا من الرموز والأحرف (كبتل، سمول)، بالإضافة إلى تفعيل المصادقة الثنائية.
واستطردت الأخصائية التقنية، قائلة: في عالم التقنية بشكل عام، يستلزم أن تكون شكاكا بشكل كبير، بحيث تفحص كل الروابط الواردة باستخدام موقع فيروس توتل Virus Total، مبينة: عند ظهور إشارة خضراء فهذا يعني أن الرابط آمن، والعكس إن ظهر بإشارة حمراء.
وحذرت من تنزيل أي برنامج من موقع غير معروف، أو تثبيت تطبيقات معدلة كالواتس الذهبي وواتس عمر، لأن المحادثات ستمر عبر طرف ثالث. وتابعت: عند تثبيت أي برنامج لا بد من التأكد من الأذونات التي يطلبها، وفي حال كانت الأذونات المطلوبة غير مرتبطة بالغرض من التطبيق، فينبغي عدم تثبيته.
وفي مداخلة له، يرى الناشط في الحقوق الرقمية فهمي الباحث، أن موضوع الابتزاز الإلكتروني يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خصوصا في ظل الوضع الذي تشهده البلاد.
وأضاف الباحث: كثيرون يتحدثون عن إصدار قوانين وعن ضرورة وجود عقوبات، لكن هل فعلا وضع الدولة الحالي يسمح بإصدار قانون؟ وفي حال تم ذلك فهل الأجهزة القضائية والأمنية مؤهلة ولديها الكوادر والتقنيات لمساعدة الضحايا والتحقيق في هذه القضايا واعتماد الشواهد الألكترونية كأدلة إثبات؟. واستطرد: هذا الأمر سيأخذ الكثير من الوقت، خصوصا في ظل الانقسام المؤسسي والفراغ التشريعي، لكن بإمكان الدولة إطلاق برنامج بحيث تتبناه منظمات دولية أو جهات معينة، وتقدم لها المساعدات والتسهيلات فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية والقانونية.
ويشير إلى وجود إشكالية راهنة، وهي أن كثير من الفتيات والرجال يقعون ضحايا للابتزاز ولا يدرون لمن يلجؤون، فيتجهون إلى الأشخاص الخطأ، وبالتالي يقعون مجددا ضحايا للابتزاز. ويسترسل بالقول: إن معركتنا الحالية هي معركة وعي بالإجراءات المتعلقة بالسلامة الرقمية وكيفية استخدام الإنترنت بالطرق المثلى.. إلخ. وفي الجانب الآخر، الوعي المتعلق بدور المجتمع نفسه في مواجهة هذه الظاهرة وتفهمه للحالات التي وقعت ضحية للابتزاز.
ويؤكد الباحث، ما ذكره عبد المعز بشأن تعرُّض الناشطين في مكافحة الجرائم الإلكترونية لحملات تحريض وإساءة، وأضاف أنهم يتعرضون لضغوط نفسية هائلة، نظرا لفداحة الحالات التي تصل إليهم، بما فيها من محتوى صادم وسيء للغاية، والذي يهيء لك أنك تعيش في مجتمع متوحش، على حد تعبيره.
من جانبه يرى رئيس منظمة سام، توفيق الحميدي أن الحديث عن أن (قانون العقوبات ناقش أو استوعب أو تضمن جريمة الابتزاز الإلكتروني)، هو حديث سابق لأوانه، بالنظر إلى وجود قانون قديم صدر في عام 1994.
وأضاف: غالبا ما يكون القانون انعكاسا لحالة اجتماعية معينة، من أجل مناقشتها والرد عليها أو معالجتها، وبالتالي، بقدر ما نتحدث اليوم عن جانب التوعية ورفع درجة التحفيز الفكري والنفسي، يجب أن نضغط أيضا في اتجاه إصدار تشريعات تواكب التطورات التكنولوجية التي نعيشها، وأن تكون العملية متوازية، بحيث لا نكتفي بالتوعية فحسب.
واختتم الحميدي بالقول: إن أساليب الابتزاز تتطور على نحو خطير للغاية، وما لم يتم ردع المبتزين ومجابهتم قانونيا وتوعويا، فأعتقد أن خللا ما سيحدث في المجتمع، وهو ما ينبغي أن نتنبه له.